من مؤلف معجم العين

كتابة : سارة الزعبي بتاريخ : 21 يناير 2024 , 06:26 آخر تحديث : أبريل 2022 , 03:56

من مؤلف معجم العين ؟ أول المعاجم المنسقة للغة العربية. والذي يعتمد في ترتيبه على مخارج الحروف من أعمق نقطة في الحلق مروراً بحركات اللسان، وحتى أطراف الشفتين، وبذلك يكون أول حروفه هو العين وأخرها هو الميم، ثم تتبعها حروف العلّة الجوفية (و، ي، أ). كما أن مؤلفه هو أحد كبار علماء اللغة العربية في عصر الدولة العباسية. في حين أن المخطوطات الأصلية منه قد اختفت. حتى أعاد الدكتور عبد الله درويش نشر نسخ منقولة تم العثور عليها في إنجلترا وألمانيا، ونسخة أخرى موجودة في الكاظمية في بغداد. ثم قام الباحثان مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي بتحقيق الكتاب كله ونشره كاملاً لأول مرة في العراق.كما وطبعاه في ثمانية مجلدات.

من مؤلف معجم العين

مؤلف معجم العين هو  العروض الخليل بن أحمد الفراهيدي، المعروف بالفرهودي، واضع علم. هو عربي من الأزد، من ذرية فراهيد بن شباب بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وُلد في سنة 100 هـ الموافق 718 م في سلطنة عُمان وعاش في البصرة. كما وتتلمذ على يد عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي.

كذلك تتلمذ على يده كبار علماء اللغة مثل سيبويه، والأصمعي، والكسائي، وأيوب السختياني البصريـ و أبي عمرو بن العلاء، وعثمان بن حاضر الأزدي، وعبد الله بن أبي إسحاق، وتوفي في 173 هـ في البصرة عن عمرٍ يناهز 73 عاماً. معجم العين وهو أول معجم في العربية وتعود فكرته إلى الخليل بن أحمد الذي بدأ فيه.  في حين طلب من تلميذه الليث بن المظفر الكناني أن يكتب عنه. ثم بعد موته أتم تلميذه هذا الكتاب.

خصائص معجم العين

مؤلف معجم العين جعله يتصدر قائمة معاجم اللغة العربية من حيث الأهمية . كما ويعتبر المحاولة الأكثر نجاحاً بين جميع محاولات أئمة اللغة في تدوين معاجمهم في تلك الفترة، ويعزى سبب نجاحه إلى بنائه على خطة ثابتة مستخدمة في هيكلة الكتاب وتقسيماته بحسب ما جاء به الفراهيدي، كما حرص المؤلف على وضع المفردات ذات الحروف الواحدة في بند واحد، ثم تقديم شروحات لغوية بحتة مستشهداً بآيات من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، بالإضافة إلى دلائل من بطون الشعر.

اقرأ أيضاُ: من هو مؤلف كتاب تاريخ الخلفاء

سبب تسمية معجم العين

اعتمد مؤلف معجم العين الفراهيدي أن يبدأ معجمه بالحروف الجوفيّة، ولكنّها حروف علّة تتعرّض للقلب والإبدال. فلم يبدأ بالهمزة لأنّها تُبدَل هي الأخرى، ولا بالهاء لأنّها حرف مهموس. فاختار البدء بحرف العين، ومن أجل ذلك سمّى الخليل كتابه بـ(العين). فكان كتابه مرتّباً على هذا النّحو: (ع ح ه خ غ، ق ك، ج ش ض، ص س ز، ط د ت، ظ ث ذ، ر ل ن، ف ب م، و ا ي همزة). وعلى سبيل المثال: إذا بحثت عن كلمة (أكل)، فإنّك لن تجدها في أوّل الكتاب، بل في آخره.

في الواقع إن معجم العين هو من المعاجم الصعبة نبسبب الصعوبة في ترتيب الحروف. لذلك فقد حرص اللغويون على اتباع طرق متعددة لتيسير استيعابه، فلجأ ابن دريد إلى تقسيمه إلى عدة أبواب بحسب الأبنية، سواء كانت ثنائية أم ثلاثية وما إلى ذلك، وأقدم بعدها على تقسيم هذه الأبنية إلى حروف بخسب الترتيب الهجائيّ. كذلك فمعجم العين ينتمي إلى مدرسة التّقليبات الصّوتية والاشتقاق الكبير. كما أنه في قائمة  هذه المدرسة نذكر:

  • الخليل بن أحمد: في كتابه (العين) .
  • القالي: في كتابه (البارع).
  • الأزهري: في كتابه (تهذيب اللّغة).
  • الصّاحب بن عبّاد: في كتابه (المحيط في اللّغة).
  • ابن سيده: في كتابه (المحكم) .
  • وهناك من اعتمد نظام الاشتقاق الكبير ولكنّه رتّب كتابه على حروف الهجاء .كما في كتاب (الجمهرة) لابن دريد .

مؤلفات الفراهيدي

للفراهيدي مؤلف معجم العين مؤلفات عديدة إلا أن أهم أعماله وضعه لعلامات الشكل والحركات في اللغة العربية في شكلها الحالي. كما يعود إليه أيضاً الفضل في استعمال حرف شينٍ صغير للدلالة على حركة الشدّة. ومن مؤلفاته الأخرى على سبيل المثال:

  • كتاب العروض الذي استخرج فيه بحور الشعر و قياساتها وأوزانها جميعها ما عدا بحر المتدارك الذي وضعه لاحقاً الأخفش الأوسط تلميذ سيبويه.
  • كتاب النغم.
  • وكتاب الشواهد.
  • كتاب النقط والشكل.
  • كتاب الإيقاع.
  • وكتاب معاني الحروف.

شعر الفراهيدي

برع الفراهيدي مؤلف معجم العين في نظمه الشعر فأجاد، ونذكر له من أبياته الشعرية ما يلي:

وَما بَقِيَت مِنَ اللَذاتِ إِلّا

مُحاوَرَةُ الرِجالِ ذَوي العُقولِ

وَقَد كانوا إِذا عُدّوا قَليلًا

فَقَد صاروا أَقَلَّ مِنَ القَليلِ

وَما شَيءٌ أَحَبَّ إِلى لَئيمٍ

إِذا سَبَّ الكِرامَ مِنَ الجَوابِ

مُتارَكَةُ اللَيمِ بِلا جَوابٍ

أَشَدُّ عَلى اللَئيمِ مِنَ السِبابِ

وعندما أرسل إليه سليمان بن حبيب بن أبي صفرة والي فارس والأحواز رسولاً يدعوه إليه، رفض الفراهيدي وقدم للرسول خبزاً يابساً مما لديه وقال له: مادمت أجده فلا حاجة بي إلى سليمان وقال للرسول ما يلي:

أَبلِغ سُلَيمانَ أَنّي عَنهُ في سَعَةٍ

وَفي غِنىً غَيرَ أَنّي لَستُ ذا مالِ

سَخّى بِنَفسي أَنّي لا أَرى أَحَداً

يَموتُ هَزلاً وَلا يَبقى عَلى حالِ

وَإِنَّ بَينَ الغِنى وَالفَقرِ مَنزِلَةً

مَخطومَةً بِجَديدٍ لَيسَ بِالبالي

الرِزقُ عَن قَدَرٍ لا الضَعفُ يَنقُصُهُ

وَلا يَزيدُكَ فيهِ حَولُ مُحتالِ

إِن كانَ ضَنُّ سُلَيمانَ بِنائِلِهِ

فَاللَهِ أَفضَلُ مَسؤولٍ لِسُؤالِ

وَالفَقرُ في النَفسِ لا في المالِ نَعرِفُهُ

وَمِثلُ ذاكَ الغِنى في النَفسِ لا المالِ

وفاة مؤلف معجم العين الفراهيدي

ورد في كتاب تاريخ الإسلام أن سبب وفاة الخليل مؤلف معجم العين كالتالي: “يقال: كان سبب وفاة الخليل أنّه قال أريد أن أعمل نوعاً من الحساب تمضي به الجارية إلى الفامي، فلا يمكنه أن يظلمها، فدخل المسجد وهو يعمل فكرهُ، فصدمتهُ سارية وهو غافل فانصرع، فمات من ذلك، وقيل: بل صدمته السارية وتوفي بعدها، وهو يقطّع بحراً من العروض”. وكان ذلك في عهد هارون الرشيد سنة 174 للهجرة الموافق لعام 789 ميلادي

اقرأ أيضاً: من هو مؤلف كتاب رسالة الغفران

أقوال عن الفراهيدي

فيما يلي نستعرض بعض الأقوال في الفراهيدي ونذكر منها:

  • المرزباني: حيث قال: “وكان من أزهد الناس وأعلاهم نفساً.”
  • سفيان بن عيينة: حيث قال: “من أحب أن ينظر إلى رجلٍ خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد”.
  • ابن النديم: كما قال: “كان الخليل من الزهّاد في الدنيا، المنقطعين إلى العلم.”
  • النضر بن شميل تلميذ الفراهيدي: كما قال ” أقام الخليل في خصّ ( كوخ ) من أخصاص البصرة لا يَقِدر على فلسَين، وتلامذته يكسبون بعلمه الأموال! ولقد سمعته يوماً يقول: إنّي لأغلق علَيّ بابي فما يجاوزه همّي. وكان يقول: أكملُ ما يكون الإنسان عقلاً وذهناً إذا بلغ أربعين سنة، وهي السنّ التي بعث الله تعالى فيها محمّداً صلّى الله عليه وعلى آله وسلم. ثمّ يتغيّر وينقص إذا بلغ ثلاثاً وستّين سنة، وهي السنّ التي قُبض فيها رسول الله صلّى الله عليه وآله. وأصفى ما يكون ذهن الإنسان في وقت السَّحَر.”
  • نقل عنه المزي: كما قال: ” الناس أربعة: فرجلٌ يدري وهو يدري أنه يدري، فذاك عالمٌ فخذوا عنه. ورجلٌ يدري وهو لا يدري أنّه يدري. فذاك ناسٍ فذكِّروه. ورجلٌ لا يدري وهو يدري أنّه لا يدري، فذاك مُسترشِدٌ فعَلِّموه. ورجلٌ لا يدري وهو لا يدري أنّه لا يدري، فذاك جاهل فارفضوه”.
  •  الزركلي: كما قال: “الخليل بن أحمد الفراهيديّ من أئمّة اللغة والأدب، وواضع علم العروض.. وهو أستاذ سيبويه النحوي. وُلد ومات في البصرةَ، وعاش فقيراً صابراً.. وقد فكّر في ابتكار طريقةٍ في الحساب تسهّله على العامّة.”

بالعودة إلى من مؤلف معجم العين ، نجد أن هذا المعجم قد تم بناؤه ليكون في ما يتضمنه دائرة معارف للغة الضاد، ولهذا فقد تضمن شواهد القرآن والحديث والشعر والمثل. كما أن المعجم لم يؤلف لغرض تسجيل لغة البداوة. في حين أنه تألّف ليسجل التطور الحاصل في اللغة العربية نتيجة الاختلاط الاجتماعي، وتبدل البيئة. لاسيما ظهور المستجدات التي اقتضت أن تظهر ألفاظ جديدة بالاشتقاق أو الافتراض. لذلك فإنه قد اهتم بلغة الأمصار والعامة.

المراجع

  1. ^
    almeshkat.net , كتاب العين – ط دار الكتب العلمية , 9/5/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *