من هو مالك بن الريب

كتابة : سارة الزعبي بتاريخ : 16 يناير 2024 , 02:05 آخر تحديث : أبريل 2022 , 03:49

من هو مالك بن الريب ؟، حيث يذخر العالم الإسلامي بالعديد من الشخصيات البارزة على كافة المستويات، سواء الأدبية أو الدينية أو السياسية أو الاجتماعية أو غير ذلك ، ولا بد أن هذه الشخصيات تركت بصمة في قلوب وعقول الكثير من الأشخاص، وفي هذا المقال سنتعرف على السيرة الذاتية وأبرز الاعمال.

من هو مالك بن الريب

مالكَ بن الريبَ هو شاعر مجيد وقاطعًا للطريق، وكان مَالك من قبيلة تميم، وكان بنو تميم قد ناصبوا بني أمية العداء منذ البداية، فانحازوا إلى صف علي بن أبي طالب في حربه ضد معاوية، كما انضم كثير منهم إلى الخوارج، ومنهم قطري بن الفجاءة الذي ينتسب إلى بني تميم، والذي أعيا الأمويين طيلة سنوات طويلة، ولم يظفروا به إلا بعد عناء، كانت تميم لأجل ذلك محل اضطهاد الأمويين، الذين تعسفوا في جباية الأموال منها، كما حرموها من الأعطيات، فعصف الفقر بأبنائها، ولجأ كثير منهم إلى حمل السلاح بعدما اشتعلت في صدورهم نار الغضب من الفقر والاضطهاد، وانطلقوا إلى الصحراء يقطعون الطرق، ويغيرون على القوافل ويسبون الأموال، أطلق على هؤلاء اسم “الصعاليك”، وكان من أبرز صعاليك عصر بني أمية هو مالكَ بن الريبَ، واجتمع مالك بن الريب مع ثلاثة من أصحابه، الأول هو شظاظ الضبي الذي كان أحد موالي بني تميم. وهو صاحب شهرة كبيرة في الغزو والنهب وقطع الطرق حتى قالت عنه العرب “ألص من شظاظ”، والثاني هو أبو حردبة المازني التميمي، والثالث غويث بن كعب التميمي، وكون الأربعة نواة لطائفة من الصعاليك قوامها نحو 30 رجلًا كانت تقطع الطريق، وتسطو على قوافل الأغنياء في اليمامة والبحرين، ثم توزع الأموال المسلوبة على الفقراء والمحتاجين من بني تميم وبني ضبة، ولم يكن مالك بن الريب مجرد قاطع طريق جائع، بل كان شابًا شجاعًا مقدامًا، لا ينام إلا متوشحًا سيفه، وكان وسيمًا حسن الطلعة، كما كان شاعرًا عذب اللسان، وفق ما ذكر أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأشهر الأغاني.

وفي يوم مر عليه سعيد بن عثمان بن عفان – ابن الصحابي عثمان بن عفان -رضي الله عنهما- وهو متوجه لإخماد فتنة في تمرد بأرض خرسان فأغراه بالجهاد في سبيل الله بدلًا من قطع الطريق، فاستجاب مالكَ لنصح سعيد فذهب معه وأبلى بلاءً حسنًا وحسنت سيرته وفي عودته بعد الغزو وبينما هم في طريق العودة مرض مرضًا شديدًا أو يقال أنه لسعته أفعى وهو في القيلولة.

شاهد أيضًا: اين ولد الشاعر الاعشى

قصيدة مالك بن الريب يرثي فيها نفسه

كان مالكَ بنْ الريبَ قاطع طريق، ولكنه عندما قابل أمير خرسان وطلب منه أن يتوب عن ما يفعل، فعل وأطاعه، وبالفعل صحبه إلى غزوة، ولكن في وقت قيلولته لسعته أفعى، وشعر بأنه يفارق الحياة، فقام برثاء نفسه في القصيدة التالية:

ألا ليتَ شِعري هل أبيتنَّ ليلةً بوادي الغضَى أُزجي الِقلاصَ النواجيا
فَليتَ الغضى لم يقطع الركبُ عرْضَه وليت الغضى ماشى الرِّكاب لياليا

لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى مزارٌ ولكنَّ الغضى ليس دانيا
ألم ترَني بِعتُ الضلالةَ بالهدى وأصبحتُ في جيش ابن عفّانَ غازيا

وأصبحتُ في أرض الأعاديَّ بعد ما أرانيَ عن أرض الآعاديّ قاصِيا
دعاني الهوى من أهل أُودَ وصُحبتي بذي (الطِّبَّسَيْنِ) فالتفتُّ ورائيا

أجبتُ الهوى لمّا دعاني بزفرةٍ تقنَّعتُ منها أن أُلامَ ردائيا
أقول وقد حالتْ قُرى الكُردِ بيننا جزى اللهُ عمراً خيرَ ما كان جازيا

إنِ اللهُ يُرجعني من الغزو لا أُرى وإن قلَّ مالي طالِباً ما ورائيا
تقول ابنتيْ لمّا رأت طولَ رحلتي سِفارُكَ هذا تاركي لا أبا ليا

لعمريْ لئن غالتْ خراسانُ هامتي لقد كنتُ عن بابَي خراسان نائيا
فإن أنجُ من بابَي خراسان لا أعدْ إليها وإن منَّيتُموني الأمانيا
فللهِ دّرِّي يوم أتركُ طائعاً بَنيّ بأعلى الرَّقمتَينِ وماليا

ودرُّ الظبَّاء السانحات عشيةً يُخَبّرنَ أنّي هالك مَنْ ورائيا
ودرُّ كبيريَّ اللذين كلاهما عَليَّ شفيقٌ ناصح لو نَهانيا

ودرّ الرجال الشاهدين تَفتُكي بأمريَ ألاّ يَقْصُروا من وَثاقِيا
ودرّ الهوى من حيث يدعو صحابتي ودّرُّ لجاجاتي ودرّ انتِهائيا

تذكّرتُ مَنْ يبكي عليَّ فلم أجدْ سوى السيفِ والرمح الرُّدينيِّ باكيا
وأشقرَ محبوكاً يجرُّ عِنانه إلى الماء لم يترك له الموتُ ساقيا

ولكنْ بأطرف (السُّمَيْنَةِ) نسوةٌ عزيزٌ عليهنَّ العشيةَ ما بيا
صريعٌ على أيدي الرجال بقفزة يُسّوُّون لحدي حيث حُمَّ قضائيا

ولمّا تراءتْ عند مَروٍ منيتي وخلَّ بها جسمي، وحانتْ وفاتيا
أقول لأصحابي ارفعوني فإنّه يَقَرُّ بعينيْ أنْ (سُهَيْلٌ) بَدا لِيا

فيا صاحبَيْ رحلي دنا الموتُ فانزِلا برابيةٍ إنّي مقيمٌ لياليا
أقيما عليَّ اليوم أو بعضَ ليلةٍ ولا تُعجلاني قد تَبيَّن شانِيا

وقوما إذا ما استلَّ روحي فهيِّئا لِيَ السِّدْرَ والأكفانَ عند فَنائيا
وخُطَّا بأطراف الأسنّة مضجَعي ورُدّا على عينيَّ فَضْلَ رِدائيا

ولا تحسداني باركَ اللهُ فيكما من الأرض ذات العرض أن تُوسِعا ليا
خذاني فجرّاني بثوبي إليكما فقد كنتُ قبل اليوم صَعْباً قِياديا

وقد كنتُ عطَّافاً إذا الخيل أدبَرتْ سريعاً لدى الهيجا إلى مَنْ دعانيا
وقد كنتُ صبّاراً على القِرْنِ في الوغى وعن شَتْميَ ابنَ العَمِّ وَالجارِ وانيا

فَطَوْراً تَراني في ظِلالٍ ونَعْمَةٍ وطوْراً تراني والعِتاقُ رِكابيا
ويوما تراني في رحاً مُستديرةٍ تُخرِّقُ أطرافُ الرِّماح ثيابيا

وقوماً على بئر السُّمَينة أسمِعا بها الغُرَّ والبيضَ الحِسان الرَّوانيا
بأنّكما خلفتُماني بقَفْرةٍ تَهِيلُ عليّ الريحُ فيها السّوافيا

ولا تَنْسَيا عهدي خليليَّ بعد ما تَقَطَّعُ أوصالي وتَبلى عِظاميا
ولن يَعدَمَ الوالُونَ بَثَّا يُصيبهم ولن يَعدم الميراثُ مِنّي المواليا

يقولون: لا تَبْعَدْ وهم يَدْفِنونني وأينَ مكانُ البُعدِ إلا مَكانيا
غداةَ غدٍ يا لهْفَ نفسي على غدٍ إذا أدْلجُوا عنّي وأصبحتُ ثاويا

وأصبح مالي من طَريفٍ وتالدٍ لغيري، وكان المالُ بالأمس ماليا
فيا ليتَ شِعري هل تغيَّرتِ الرَّحا رحا المِثْلِ أو أمستْ بَفَلْوجٍ كما هيا

إذا الحيُّ حَلوها جميعاً وأنزلوا بها بَقراً حُمّ العيون سواجيا
رَعَينَ وقد كادَ الظلام يُجِنُّها يَسُفْنَ الخُزامى مَرةً والأقاحيا

وهل أترُكُ العِيسَ العَواليَ بالضُّحى بِرُكبانِها تعلو المِتان الفيافيا
إذا عُصَبُ الرُكبانِ بينَ (عُنَيْزَةٍ) و(بَوَلانَ) عاجوا المُبقياتِ النَّواجِيا

فيا ليتَ شعري هل بكتْ أمُّ مالكٍ كما كنتُ لو عالَوا نَعِيَّكِ باكِيا
إذا مُتُّ فاعتادي القبورَ وسلِّمي على الرمسِ أُسقيتِ السحابَ الغَواديا

على جَدَثٍ قد جرّتِ الريحُ فوقه تُراباً كسَحْق المَرْنَبانيَّ هابيا
رَهينة أحجارٍ وتُرْبٍ تَضَمَّنتْ قرارتُها منّي العِظامَ البَواليا

فيا صاحبا إما عرضتَ فبلِغاً بني مازن والرَّيب أن لا تلاقيا
وعرِّ قَلوصي في الرِّكاب فإنها سَتَفلِقُ أكباداً وتُبكي بواكيا

وأبصرتُ نارَ (المازنياتِ) مَوْهِناً بعَلياءَ يُثنى دونَها الطَّرف رانيا
بِعودٍ أَلنْجوجٍ أضاءَ وَقُودُها مَهاً في ظِلالِ السِّدر حُوراً جَوازيا

غريبٌ بعيدُ الدار ثاوٍ بقفزةٍ يَدَ الدهر معروفاً بأنْ لا تدانيا
اقلبُ طرفي حول رحلي فلا أرى به من عيون المُؤنساتِ مُراعيا

وبالرمل منّا نسوة لو شَهِدْنَني بَكينَ وفَدَّين الطبيبَ المُداويا
فمنهنّ أمي وابنتايَ وخالتي وباكيةٌ أخرى تَهيجُ البواكيا
وما كان عهدُ الرمل عندي وأهلِهِ ذميماً ولا ودّعتُ بالرمل قالِيا

شاهد أيضًا: من هو الشاعر الذي لقب برهين المحبسين

مسلسل مالك بن الريب

مالك بن الريب هو مسلسل درامي تاريخي إسلامي شعري ملحمي وسيرة ذاتية من إنتاج المركز العربي للإنتاج الإعلامي-الأردن وتلفزيون قطر- قطر، والمنتج التنفيذي عدنان العوامله وطلال العوامله، كتابة محمد لطفي، سيناريو وحوار صالح الشورة وجمال أبو حمدان، بطولة كل من ياسر المصري، محمد الإبراهيمي، أشرف طلفاح، أحمد العمري، يتناول المسلسل قصة حياة مالك بن الريب في الحقبة التاريخية ما بين سنة 10 ال 60 هجري، ويسلط الضوء على البيئة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية السائدة عند القبائل العربية في تلك الفترة، بالإضافة إلى منظومة العادات والتقاليد التي كانت تحكم حياة هذه القبائل ومنها قبيلة تميم التي ينتمي إليها مالك.

وقصة المسلسل تستعرض حياة شاعر من بني تميم والمرحلة التاريخية التي عاشها وعاشتها قبيلته وقبائل العرب، وتبدأ أحداث المسلسل منذ ولادته حيث الفقر والقحط والجدب في تلك الفترة في قبيلته، فيضطر مالك للتصدي لذلك بسيفه فيغير على القوافل التجارية التي تعود إلى الأغنياء لتحصيل ما يمكن تحصيله وتقديمه للفقراء، ويثير هذا التصرف الولاة والحكام عليه وعلى أصحابه، حتى أصبحوا مطاردين من قبلهم مما يضطره للهرب إلى بلاد فارس والمكوث فيها، وهناك يستعيد مالك شريط حياته التي أمضاها في صحراء تميم مع عصبته بالإغارة على القوافل، فتتسلل إلى قلبه نفحة إيمانية تدفعه للعدول عما كان عليه والتقرب أكثر إلى الله وبذل فروسيته في الجهاد في سبيله حيث ينضم إلى جيش الفتح الذي يقوده سعيد بن عثمان المتجه إلى بلاد خراسان.

شاهد أيضًا: ما اسم الشاعر الملقب بالفرزدق

ومن خلال هذا المقال نكون قد بيّنا لكم من هو مالك بن الريب ؟، حيث تحدثنا عن سيرته الذاتية وأبرز المعلومات عن أعماله التي فعلها في زمن حفيد سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *